اشتاق لذاتي القديمة

سارا مهدي

 

اكتب هذه الكلمات وأنا في الحديقة العامة التي تقع تحت شقتنا وسط ضوضاء واصوات عالية واطفال يلعبون ويمرحون ويسرحون وتتعالى أصوات صياحهم. لا استطيع ان اقول انني أمارس أمرا ايجابيا هنا، فأنا جسد بلا روح, جسد ارهقت الحياة والخيبات روحه. لا استطيع ان اسمع كل هذه الضوضاء التي تحيطني، بسبب الضوضاء المتصاعدة داخل قلبي والتي احاطت عقلي من كل جانب. وكم أتمنى الرجوع الى نفسي القديمة التي فيها الطمأنينة والسلام والهدوء العظيم. انني في منتهى الشوق للمرح الزائل والراحة الآفلة. ان نفسي لمشتاقة لبريق عيني وأنا في شدة الفرح. انني مشتاق لكل تلك التفاصيل التي لم تعد موجودة. اشعر أن الماضي بات جزءا من الخيال، واشعر انني ضيعت ذاتي القديمة واصبحت شخصا مختلفا تماما.

شعور ينتابني وكأنني شخص اطفأت روحه ودمر بنيان قلبه ونزف طموحه. اليس غريبا ان يكون شخص في ربيع العمر وهكذا تكون تصوراته؟ انها الحياة لم تكن يوما ما عادلة، ونحن اذ نلوم الحياة لأننا لا نستطيع ان نغير العالم من حولنا. وحين اقول العالم من حولنا اعني الناس الذين منحناهم كل ثقتنا، وحاولنا كل ما بوسعنا لكي نبقيهم خلاّن لنا، لكن في اول فرصة أتيحت لهم، تخلوا عنا وكأننا لم نكن شيئا بالنسبة لهم. هكذا اتخيل مدى هذه الخيبة التي نمت في داخلي ولكنها اكبر من مخيلتي، وأكيد سوف يجف حبر قلمي وانا لن انتهي من سرد الذي جرى، لذلك اقرر الوقوف هنا وسلاما على قلب ارهقته الخيبات.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *